The Xenobots

The Xenobots

انتشرت في الآونة الأخيرة العديد من الصور والأحاديث عن رجال آلية ذاتية التكاثر كأي كائن حي، وتباينت الآراء حول ما يحدث من اعتراض وتأييد وتحدّث الجميع وأبدى رأيه دون الاستناد إلى مصادر موثوقة أو التحقق من صحة المعلومة حتى، لذلك سوف نسلّط الضوء على موضوع الـ Xenobots وهو الأول من نوعه ونكتشف أين تكمن غرابته ولماذا أحدث تلك الضجة العالمية منذ الإعلان عنه إلى الآن.

كَثُرت العناوين التي تقول أننا قد ابتكرنا رجال آلية تستطيع التكاثر والتحرك فكان السؤال الأول الذي تخاطر إلى أذهاننا هو كيف يمكن للآلة أن تقوم ببعض الوظائف الحيوية كما للكائنات الحية؟ لذلك علينا بدايةً فهم مصطلح الرجال الآلية أو الـ Robots وإلى ماذا يشير بالتحديد. كلمة Robot تدل على أي شيء يقوم على خدمة الإنسان أوالقيام بوظائف البشر عوضاً عنهم لكنه من طبيعة غير بشرية، وبذلك نستنتج أن المصطلح لا يقتصر على ماهو مصنوع من المعدن أو الشرائح الحاسوبية.

أعلن العلماء منذ فترة عن خلايا غريبة تتكاثر ذاتياً ويمكنها إصلاح نفسها كما تعيش لبضعة أسابيع دون تغذية، بمعنى أنها تسلك سلوك غريب وغير متوقع عن باقي الخلايا، وقد حصلنا عليها من الخلايا الجذعية الجنينية للضفدع الأفريقي Xenopus Laevis وذلك بأخذ الخلايا الموجودة على الجزء العلوي من الجنين الذي يمتد عادةً فوق الجسم مكوناً جلد الضفدع، ثم أُعيد تشكيل الخلايا المأخوذة كأنها عجينة طين في تمثال دقيق جداً وبعدها توضع فيما يسمى Petri dish مع القليل من الماء وفي النهاية نشاهد الخلايا وهي تتحرك في شكل آخر من أشكال الوجود، بمعنى أنه يمكن القول أنها شكل من أشكال الحياة القابلة للبرمجة لكنها مجردة تماماً من الدارات الكهربائية والرقائق الحاسوبية!

يمكن لأي خلية جلد جنينية أن تتحول إلى Xenobot، لكن عادةً إذا قمنا بإزالة خلية جلد من كائن ما فإننا نحصل على خلية جلد ميتة، لكن هنا الأمر مختلف تماماً والمثير للاهتمام هو تحول وظائف هذه الخلايا لأنه من المعروف أن وظيفة خلايا الجلد هي حماية الأجزاء الداخلية ومنع دخول البكتيريا، لكن عندما تم وضعها بطريقة معينة في بيئة خاصة فإنها تحولت تلقائياً إلى مخلوق جديد ومنفصل عمّا كانت عليه وبوظائف جديدة، فالأهداب على سبيل المثال هي عبارة عن شعيرات صغيرة عادةً ما تكون على الجلد لتحريك المخاط على جسم الضفدع للحفاظ على رطوبة جسمه، لكن هنا تم إعادة توجيه هذه الشعيرات لتحريك المخلوق الجديد. كما أن اختلاف شكل الـ Xenobots يؤدي إلى اختلاف وظيفتها وتصرفاتها فمثلاً عندما تجمعت بشكل كروي وبمرور أربعة أيام نمت شعيرات حولها وبدأت باستخدامها للسباحة في Petri dish حيث لم تعد تنتمي الخلايا إلى الضفدع Xenopus Laevis لأنها تحولت إلى Xenobots. قام العلماء القائمين على الدراسة والتجربة بتعديل خوارزمية العمل عليها لإنشاء العديد من الأشكال الجديدة بواسطة الحواسيب الفائقة Supercomputer وفعلاً بدأوا في بنائها واختبارها لمهام مختلفة فعندما كانت على شكل كعكة الدونات كانت قادرة على جمع جزيئات صغيرة في الحفرة الخاصة بها.

أمّا طريقة التكاثر هي أكثر ما حير العلماء لأنها الأولى من نوعها حيث لم يتم ملاحظة أو تسجيل أي نشاط مماثل للخلايا النباتية أو الحيوانية، حيث يمكنها الدوران وجمع الخلايا الجذعية الدقيقة حولها وسحقها في طياتها وهذه هي عملية تجميع Xenobots جديدة لتبدو وتتحرك كما الخلايا التي قامت بعملية الجمع، والمذهل في الأمر حسب تعبير العلماء الذي قاموا بالتجربة أنه بعد عزل الخلايا في بيئة جديدة حيث لا يمكنها التكاثر بالطريقة المعتادة بدأت بجمع الخلايا السائبة حولها في بيئتها ومعالجتها لتقوم بنسخ الوظيفة من نفسها، وهكذا تكون البشرية قد سجلت شكل جديد للتكاثر لم يسبق له مثيل في أي كائن آخر، فبدلاً من محاولة استنساخ كائن طبيعي بمواد صناعية فكرنا باستخدام مواد طبيعية لبناء رجل آلي ليكون نقلة مبهرة من برنامج حاسوبي إلى كائن حي.

بالتأكيد بعد المعلومات السابقة سألنا أنفسنا عن فائدة تلك الخلايا الروبوتية بالنسبة للبشرية، وهو حقيقةً من أهم الأسئلة حيث يكمن لب الموضوع وسبب التسمية لأننا زعمنا أن تلك الخلايا تقوم على خدمة المصالح البشرية، وبذلك حسب ما قمنا بدراسته من أشكال وتعدد وظائف تمكنا من الوصول إلى أننا سنحاول الحصول على تلك الخلايا من الثدييات The Mammals كي نضمن الفائدة العظمى في المجال الطبي مثل إدخالها إلى جسم الإنسان من أجل إيصال الدواء بسبب حجمها الصغير جداً وقدرتها على البقاء لفترة معينة دون غذاء وبالتالي لن تأخذ أي مركبات من أجسامنا، وكفكرة نظرية يمكننا زراعتها في مناطق تلف بعض الأنسجة مثل حالات إصابة الحبل الشوكي وإطلاق مركبات متجددة للمساعدة في عملية الإصلاح، مع العلم أنها لن تكون ضارة لأنها قد تتحلل ويتم تطهيرها من قبل أجهزتنا المناعية أو تندمج في المنطقة المضافة لها لتصبح جزءاً منها وذلك بسبب خواصها الرائعة. لم تقتصر الفوائد في المجال الطبي فقط بل فكرنا بشيء جديد كجمع اللدائن الدقيقة Microplastics في المحيطات أو النفايات المشعة Radioactive waste.

المدهش فعلاً في هذه الحادثة أن التطور من خلية جلد الضفدع إلى Xenobots يتم على مدار أيام قليلة فقط بدلاً من آلاف السنين وهو الرقم المعهود لغالبية عمليات التطور المكتشفة إلى الآن، وهذا مؤشر لمستقبل مليء بأشكال روبوتية جديدة والتي تتضمن مزيج من المكونات والبرامج البيولوجية التي تتحدى حدود علم الأحياء وعلوم الحاسوب معاً. رأى أحد العلماء القائمين على الدراسة اتجاهاً جديد كلياً للروبوتات والبيولوجيا حيث يتم استخدام الطبيعة في خدمة التكنولوجيا بدلاً من العكس وما هو معتاد حيث قال: "الطبيعة هي فعلاً مهندس ممتاز".

تعرف الخلايا بالفعل كيف تبني كل عضو فلماذا نبذل كل جهدنا في محاولة إنتاج ذراع صناعية مثلاً بينما يمكننا تعلم كيفية دفع الجسم إلى القيام بذلك من أجلنا؟!!

ما هي ردة فعلك؟

like
2
dislike
0
love
1
funny
0
angry
0
sad
0
wow
1