هناك العديد من الصفات التي يجب أن تتوافر في الباحث العلمي، حتى يكون أهلاً للقيام بكتابة البحث وهي:
1- القدرة على البحث والإبداع:
ولهذه القدرة صلة لسعة الاطلاع وسعة الخيال، ولها جانب فطري وجانب مكتسب مصقول.
إن جمع المادة العلمية وتنظيمها لا يكفي لتكوين بحث علمي جيد، وإنما المدار في ذلك على التحليل والتفسير والاستنباط والتمثيل والصياغة وهي إمكانيات تحتاج إلى قدرة خاصة على البحث والإبداع، ويتبع ذلك أن يكون الباحث ذا عقل واعٍ واسع الأفق منظم ليستطيع التصرف بحكمة أمام الركام المعرفي الذي جمعه في مرحلة البحث السابقة.
2- سعة الاطلاع:
هي صفة ضرورية للباحث، بها يجدد معلوماته ويعمقها، وبها يطور نفسه ويرى وجوه الاختلاف في نظرات المؤلفين السابقين في بحث أو قضية ما، ومن خلالها يكون وجهة نظره المستقلة.
وإذا كان الاطلاع ضرورياً على مختلف وجوه وجوانب المعرفة فإنه يتاكد في ناحيتين ناحية اكتساب المهارات الفكرية اللازمة للبحث، وناحية المعارف التخصصية التي تتصل بموضوعه.
3- المثابرة والصبر:
إن البحث رحلة عناءٍ فكري تحتاج من وقت الباحث وجهده وأعصابه الكثير، فإذا لم يتحل بالصبر والمثابرة والتصميم على بلوغ الأهداف شعر بالكلل وضعفت همته عن مواصلة ذلك العمل.
4- عمق التفكير والقدرة على النقد:
أما عمق التفكير فهو صفة أصيلة في الباحث لها جانب فطري يتمثل في الذكاء والفطنة، وجانب مكتسب يتمثل في تكوين العقل الناقد بالممارسة والدراسة، ومعرفة أخطاء وانحرافات التفكير ومحاولة تجنبها.
5- القدرة على التعبير:
قد يكون الإنسان كثير الاطلاع عميق التفكير متوفراً على كثير من الصفات الخلقية والعلمية ولكنه غير قادر على التعبير عن أفكاره بطلاقة وانسجام، وذلك قصور لا يمكن تجاوزه في ميدان البحث العلمي النظري.
فالقدرة على التعبير في وضوح هي وسيلة الباحث في عرض أفكاره على الآخرين، وهي السبيل إلى تتبع المعاني التي يتطلبها الموضوع دون تهيب من تعذر وجود القوالب اللغوية التي يضع الكاتب فيها تلك المعاني مهما كانت شفافيتها ودقتها.
6- الأمانة العلمية:
وهي صفة خلقية لا بد من توفرها في شخصية الباحث يقتضيها عمله الجليل الذي أتاح له أن يكون أحد الذين تولوا حمل الحقائق العلمية والمعارف الإنسانية عبر الأجيال، ومن الوفاء لهذه المهمة أن يبتعد عن الانتحال والكذب، وألّا يسيئ إلى النصوص المنقولة بتحريفها أو نسبها لغير أصحابها، أو ما إلى ذلك ...
7- التواضع:
صفة أخلاقية يحسن أن يتحلى بها الإنسان في حياته بصفة عامة، غير أنها تتأكد في حق الباحث العلمي لما تنطوي عليه من شعور بالآخرين وأعمالهم في حقل المعرفة، وهو اعتراف يضعف من طبيعة الغرور والادعاء في نفس الكاتب، ومن ثم يعطيه القوة على الإنصاف والاعتراف بفضل السابقين، ويدفعه للعمل بصمت وهدوء بعيداً عن حب الذات والظهور والشهرة.