خطوات البحث العلمي

خطوات البحث العلمي

  الخطوة الأولى في كتابة البحث هي اختيار موضوعه، قد يوكل أمر اختيار البحث في المراحل الأولى من الدراسة الجامعية وما دونها إلى أستاذ المادة، ولا يكون على الطالب في هذه الحالة سوى إعداد ورقة بحث محددة الموضوع، تتناول ملخصاً لما كتبه مؤلفون سابقون في مجال البحث، وربما زُود الطالب ببعض كتبهم قبل الشروع في عمله.
 على أن أمر الاختيار سيوكل للطالب فيما بعد هذه المرحلة، حتى يكون الموضوع إبناً طبيعياً له وليس ابنه بالتبني، والاختيار على هذا النحو يتطلب سعة اطلاع على المجال الذي يرمي الباحث إلى دراسته حتى يستخلص منه موضوعاً معيناً يشعر بالميل نحوه والحاجة إلى دراسته، ويراعي في اختياره أن يكون متناسباً مع قدرات الباحث وإمكاناته، وأن تكون له أهداف علمية واضحة.
  أما الخطوة الثانية فهي تحديد الموضوع، واختيار موضوع البحث مرتبط بنقطة مهمة جداً هي تحديده زمانياً أو مكانياً أو موضوعياً، ذلك أن التحديد يجعله محصوراً في نطاق ضيق يمكن الإلمام به، ويكفل للباحث تحقيق النجاح المطلوب في الوصول إلى نتائجه بأيسر السبل وأسرع الأوقات، حين يقود عدم التحديد إلى متاهات مجهولة بعيدة عن النهج الصحيح في ميادين البحث العلمي.

  الخطوة الثالثة في كتابة البحث هي تجميع المصادر والمراجع، فالمصادر هي المواد الأصيلة ذات العلاقة المباشرة بموضوع البحث، أما المراجع فهي تلك الدراسات التي ترتبط به ارتباطاً معيناً (نقداً أو تفسيراً أو مقارنة) معتمدة في تناوله على المصادر الأصيلة.
 وإذا كانت المصادر الأصيلة تقع في المرتبة الأولى من حيث الأهمية فإن المراجع تقع في درجة من الأهمية لا يستهان بها لأنها تسهم دون شك في توسيع مدارك الباحث ومجال الدراسة بما تزوده به من نظرات وما تسفر عنه من نتائج أو قضايا للنقاش.
 وتُسجل المصادر والمراجع التي تدخل في نطاق البحث على قائمة أولية، لا يهمل فيها الباحث تلك الكتب والدراسات التي تمت أجزاءٌ منها إلى البحث بسبب؛ فعسى أن تكون للإشارات الصغيرة أهمية قصوى في توجيه الدراسة وتوثيق نتائجها.
أما الخطوة الرابعة فهي القراءى وأخذ الملاحظات فمهارة الباحث في استخدام نوع القراءة المناسب لما بين يديه من المؤلفات أمر ضروري جداً، لما فيه من اختصار للوقت وتوفير للجهد؛ إذا يتطلب منه اطلاعه على عدد كبير من المصادر والمراجع أن يقلّب آلاف الصفحات، وعليه أن يكون قادراً على التمييز بين المواطن التي يسرع فيها أو يبطىء، وبين ما يحتاج إلى التحليل والنقد، وما يحتاج إلى التسجيل نصاً أو إشارة، وما تكفي في مراجعته نظرة إلى فهرس الموضوعات تقنعه بقراءة شاملة أو جزئية أو تدفعه إلى الاستغناء عن ذلك أو تأجيله.
ويقترح بعض الكتاب تسجيل الملاحظات في بطاقات صغيرة ليسهل ترتيبها بحسب موادها،  على أن يكتب في طرف كل بطاقة اسم الكتاب ومعلومات نشره.
 ويرى غيرهم كتابة الملاحظات في ملف حامل للأوراق، ويرون أن ذلك أجمع للملاحظات وأحفظ لها من الضياع.

ومن أهم الخطوات هي خطوة تحديد البحث، فعند بداية هذه الخطوة يكون الباحث قد اطلع على قدر كبير من المصادر والمراجع، فدوَّن الكثير من الملاحظات واستوعب في ذهنه أفكاراً أخرى لم ير ضرورة لتسجيلها، وبهذه الملاحظات وتلك الافكار يمكنه تخطيط بحثه الجديد.
وعليه في هذه المرحلة أن يعيد قراءة ما كتبه من ملاحظات قراءة تحليلية مبيناً أوجه القوة والضعف وأوجه الاعتدال والانحراف... وغيرها من الأفكار المتصلة بالموضوع، ثم يصنف تلك الملاحظات والاقتباسات في أقسام أو فصول متمايزة ولكنها مرتبطة منطقياً وفق منهج علمي سليم، بل إن ذلك مما يجب مراعاته في ترتيب أفكار الفصل الواحد أيضاً.
وبعد مرحلة تخطيط البحث تأتي مرحلة الصياغة الأولى، فقد جُمعت المادة العلمية وقسمت إلى فصول متمايزة، ورتبت الأفكار داخل الفصل الواحد، فليس على الباحث إلاّ أن ينظم هذه الأفكار في سلك من نسج ألفاظه، ويمنحها من أسلوبه الخاص ما يكسبها صفة الإبداع والذاتية، ففي هذه المرحلة يُتوقع من الكاتب أن يرسم لنفسه شخصية متميزة قادرة على الربط والتحليل وحسن الإفادة من الوثائق المتوفرة.
ويراعى عند الاستعانة بآراء الآخرين ضرورة عزو الفكرة إلى أصحابها، ويتمثل ذلك في صورتين.
أولهما: أن تصاغ الفكرة بأسلوب الباحث، على أن يشير في الحاشية إلى المصدر مسبوقاً بكلمة أنظر.
وثانيهما: أن يقتبس الفكرة والأسلوب معاً، وعليه في هذا الحالة أن يشير إلى المصدر مباشرة، مع ضرورة الانتباه إلى أن الاقتباس الملتحم بالبحث مقيد بمقطع محدد لا يزيد عن ستة أسطر موضوعة بين علامتي التنصيص، فإذا زاد النقل الحرفي عن ذلك كتبه بخط أصغر، وهوامش جانبية أكبر من هوامش البحث.
- علامتي التنصيص "  "

  أما الخطوة الأخيرة فهي المراجعة وإعداد النسخة النهائية، فالمراجعة يراد منها تصحيح وتنقيح الصياغة، وملاحظة ترتيب الأفكار الجزئية، وإحكام الربط بينها في المواضع التي تحتاج إلى ذلك، ويمكن في هذه المراجعة أن يُضاف أو يُحذف ما يستدعي الإضافة أو الحذف.
أما إعداد النسخة النهائية فيقصد بها تبييض المادة العلمية بعد أن تمت المراجعة، وإلحاق فهارسها بالأرقام الصحيحة لمواضع الصفحات، وترتيب قائمة المصادر والمراجع المستخدمة في البحث، مع مراعاة تدوين معلومات النشر كاملة.

ولا تنسى أن تختار المجلة المناسبة لنشر البحث، أو الموقع المناسب أو الجامعة ذات السمعة العلمية العالية التي تمنح شهادات مقبولة، وتكون فيها الكلية التي تهتم ببحثك.
حيث أن في البحوث الجامعية، وبحوث التخرج، والماجستير والدكتوراه، يعين للباحث مشرف علمي واحد من قبل الجامعة، أو هو من يختار مشرفه بعد عرض الخطة البحثية عليه، ويحسن كلما أمكن أن يكون المشرف متخصصاً في الموضوع أو قريباً منه، والمشرف يفيد الباحث في الأمور المنهجية، وقد يفيده في الأمور العلمية. وقد يبلغ الباحث في بحثه من الناحية العلمية مستوى يفوق فيه أستاذه في الموضوع الذي اختاره.
ويحسن أن تكون العلاقة بين الباحث والمشرف علاقة متزنة بحيث يستفز المشرف الباحثَ للإضافة العلمية، ويتعاون معه على بحثه، باجتماعات أو جلسات دورية، ويبدي فيها ملاحظاته أولاً بأول.
 هناك مشرفون يحاولون التنصل من اللقاءات الدورية، ويتركون الباحث حتى نهاية بحثه، وقد يرى الباحث فيها حرية له، لكن قد تكون على حساب مستوى البحث، وقد يفاجأ الباحث بعد ذلك برفض البحث من المشرف أو من لجنة المناقشة.

 

 

 

 

ما هي ردة فعلك؟

like
2699
dislike
0
love
668
funny
0
angry
0
sad
0
wow
1